صورة الأنا والآخر في السرد
رابط الصفحة :www.mohamed-dahi.net/news.php?action=view&id=402
الكاتب: mdahi


 حرر في الأربعاء 06-03-2013 10:10 أ£أ“أ‡أپ

من المقدمة:
ن الصوريات Imagologie، بتعريف دانييل هنري باجو Daniel-Henri Pageaux ، هي "التعبير الأدبي أو غيره عن فجوة كبيرة بين نظامي الواقع الثقافي. وهكذا فالصورة الأدبية هي مجموع الأفكار والمشاعر حيال الأجنبي، التي تُتخذ في خضم التكوينين الأدبي والاجتماعي. تفضي الصوريات بالباحث إلى ملتقيات إشكالية حيث يحتك الأدب، من بين علوم إنسانية أخرى، بعلم الاجتماع والأنتربولوجية، وحيث تصبح الصورة من عوامل الكشف عن الوظائف الإيديولوجية( على نحو العنصرية والغرائبية Exotisme) والمتخيل الاجتماعي"( ). يمكن أن نستخلص من هذا التعريف ما يأتي:
أ-تقتضي الصوريات تفاعل طرفين ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين ( الأنا والآخر). ولا تتضح صورة الآخر إلا من خلال طبيعة العلاقة التي تنسجها الأنا معه بطريقة إيجابية أو سلبية( ). فعندما ترى الآخر، فهي ، في الآن نفسه، تكشف عن صورتها. فهو يعتبر امتدادا مباشرا لها، وجزءا من كيانها، ومحددا لموقفها من الوجود.
ب- تهتم الصوريات بمختلف التمثلات التي تحملها الأنا عن الآخر. وهي جماع من القوالب والرواسم والمواقف والأفكار والمشاعر التي تراكمت مع مر السنين في بنية ثقافية معينة، وأضحت خلفية معرفية أو مرجعية يُحتكم إليها ليس لرؤية الآخر فقط، وإنما أيضا للتعامل معه واتخاذ موقف منه أيضا. وما يجعل تفاعل الطرفين يتخذ صبغة حركية هو كون " الصورة دوما في علاقة وطيدة مع وضعية ثقافية محددة تاريخيا"( ). وهذا ما يحتم أخذ هذه الوضعية مأخذ الجد، وذلك لأنها تجبر الأنا على اتخاذ مواقف معينة إزاء الآخر أو نعته بمواصفات أو قوالب جاهزة.
ج-تستقطب الصوريات اختصاصات متعددة ( الأنتربولوجية، وعلم الاجتماع، والتاريخ الأدبي، والتاريخ السياسي، وعلم نفس الشعوب) تهتم أساسا بثقافة الآخر، والآخرية، والهوية، والمثاقفة، والاستلاب الثقافي، والرأي العام، والمتخيل الاجتماعي. وما يميز مقاربة الباحث الأدبي عن غيرها من المقاربات، هو أنها تحرص على الاكتراث لخصوصية النص الأدبي، وشروط إنتاجه ونشره وتلقيه، ومقارنة الصورة الأدبية بالشهادات الموازية والمعاصرة، وبالتمثلات المثبتة في الصحافة والأدب الهامشي والسينما والفنون.
-----------------
كلمة ظهر الغلاف:
يستلهم هذا الكتاب فلسفته وأدواته من الصوريات(Imagologie) التي تعنى بما تحمله الأنا ( الثقافة الناظرة) من تمثلات حيال الآخر(الثقافة المنظور إليها). أسهمت عوامل تاريخية في احتدام الصراع بين الطرفين (الأنا والآخر/ الأجنبي) بالنظر إلى تضارب مصالحهما، واختلاف أنساقهما الثقافية والاجتماعية، وتباين مواقفهما من الوجود. ولم تعمل السنون المتعاقبة إلا على ذر الملح في جراحهما، وتوسيع الهوة بين وجهات نظريهما.
إن الأمر يقتضي من الشعوب جميعها إقامة مصالحة (النسيان المُؤسَّسي) مع ذاتها وغيرها لتضميد الجراح لجسدية والرمزية، وتوفير شروط السلم المستديم، وتعزيز الإنسانية البيئية. وفي هذا الصدد يؤدي السرد دورا هاما في تشخيص العوائق التي تحول دون تقارب الشعوب وتفاهمها وتعاونها، واستنطاق ذخيرة المتخيل الجماعي ، واقتراح أشكال جديدة من التفاعل بين الأنا والآخر، وتمثل "مواطنة تخييلية" تحن إلى عصر الملحمة حيث التكامل بين أفعال الروح ومطالبها.



     

Powered by: Arab Portal v2.2, Copyright© 2009