التجربة النقدية الخاصة بالناقد الدكتور محمد الداهي -د.إدريس الخضراوي
رابط الصفحة :www.mohamed-dahi.net/news.php?action=view&id=98
الكاتب: mdahi


 حرر في الثلاثاء 08-06-2010 09:28 أ£أ“أ‡أپ

الأولى ترأسها الأستاذ الحسن الطاهري وتميزت افتتاحيتها بكلمة رئيس الحلقة الأستاذ أحمد أوسلام ، وقد سلط فيها الضوء على أهمية
الندوة خاصة وأنها تأتي في سياق يعرف فيه النقد المغربي تحولات مهمة في الوعي والأدوات واستراتيجيات التحليل ، وأظهر ادريسو كذلك بأن الإسهامات المتعددة التي يقدمها الأستاذ الداهي في حقول مختلفة تعطي المشروعية للتفكير في منجزه والوقوف على أسسه ومنعطفاته والأسئلة الناظمة له ، كما أثنى في سياق كلمته على من دعموا الندوة وساندوها، ومن نوهوا بملاءتها وراهنيتها . بعد ذلك أعطيت الكلمة للسيد نائب عميد كلية الآداب ظهر المهراز الأستاذ أوراغ حيث أشاد بدوره باللقاء كما شكر الباحثين المساهمين فيه خاصة وأن الكثير منهم على اتصال بجامعة فاس . ونوه السيد نائب العميد -بدوره -بالمساهمة العلمية للأستاذ محمد الداهي وتمنى للندوة النجاح في أشغالها . بعد ذلك ، تناول الكلمة الأستاذ الحسن الطاهري بصفته رئيسا للندوة حيث قرأ ورقة الناقد المغربي الأستاذ عبد الحميد عقار الذي لم يتمكن من الحضور بسبب التزامات خاصة . وقد تميزت مداخلته بعمقها وكثافتها خاصة وأن الأستاذ عبد الحميد عقار أحاط فيها بمجمل الأسئلة التي تفرزها تجربة الداهي النقدية ، واستخلص من خلال ذلك أهمية التفكير فيها ومحاورتها واستكشاف عناصر تأثيرها في المشهد النقدي المغربي. ومن بين الأمور التي ركز عليها الأستاذ عبد الحميد عقار: عمق تجربة الناقد محمد الداهي وتنوع مقارباتها ومجالاتها، وقدرة الناقد على محاورة النصوص بوعي معرفي ودون تحجر مصطلحي . المداخلة الثانية كانت للأستاذ حميد لحميداني وقد تركزت على كتاب الحقيقة الملتبسة حيث أبرز الناقد أهمية كتاب الداهي خاصة وأنه يستضمر الكثير من الأسئلة تهم الكتابة عن الذات أو ما يصطلح عليه بالأدب الشخصي . ولقد توقف الحميداني عند القضايا النظرية في هذا الكتاب ، كما ناقش أساسيات التصنيف عند الداهي وحاور نتائجه مستحضرا بعض الأسئلة التي كان قد طرحها في كتاباته السابقة ، وخلص لحميداني إلى أن هذا الكتاب يطرح سؤالا هاما يتعلق بالهاجس الذي يحكم الكتابة عن الذات، ويحاول أن يبين سماتها الخطابية، ويميز بين أنواعها وأصنافها. المداخلة الثالثة كانت للناقد أنور المرتجي حيث تناول فيها كتاب : سيميائية الكلام الروائي انطلاقا من مفهوم مركزي في النظرية السيميائية المتعلقة بالكلام وهو التطويع . وبين المرتجي أن الداهي قدم قراءة جديدة للخطاب الروائي في ضوء المقترحات السيميائية . وأهميتها تكمن في قابليتها لتحليل خطابات لا تراهن على التواصل بمعناه الإيجابي ( دخول المتحاورين في مشروع مشترك مبني على التفاهم والتوافق) وإنما على تطويع المتلقين وإخضاعهم لخدمة أغراض أيديولوجية أو تجارية. إن كتاب محمد الداهي، في نظر أنور المرتجي، يدعو إلى ضرورة الدفاع عن حرية التلقي حتى لا تستغل الديمقراطية لتدنيس كرامة المواطن في الفضاءات العمومية. فعلاوة على حق التعبير بحرية عن الآراء والأفكار، نجد حق حرية تلقي الرسائل المبثوثة في ذلك الفضاء الذي يتقاسمه الناس سواسية. إن الديمقراطية التي منحت للكلام مكانة لائقة في الحياة العمومية أضحت مهددة من لدن التقنيات التطويعية التي تسعى إلى قهر الإنسان وتدجينه. . أما المداخلة الرابعة فقد كانت للناقد سعيد يقطين في موضوع : الوعي المنهجي ، وانطلق بدوره من كتاب" سيميائية الكلام" الروائي حيث طرح يقطين أسئلة جد هامة تتعلق بالعلاقة بين الأدب والنقد ، وهي علاقة يطبعها الالتباس وتحتاج إلى ضبط وفهم جديدين وذلك حتى يتطور وعينا بالأدب وخطاباته . ورأى يقطين أن كتاب الداهي يؤسس لهذا الوعي ويمنح إمكانية للتفكير في خطابات أدبية وفق رؤية جديدة ، وهو أمر رأى يقطين أنه لا يمثل تجاوزا لما تراكم من إنجازات بل يدخل في إطار صيرورة مشروعة خاصة إذا كان ذلك الانفتاح يستند إلى أساس منهجي ونظري واضح . وأثار، في الأخير، جملة من الأسئلة التي تحفز الأدب على الانفتاح على المجالات العلمية الأخرى وذلك لضمان الحوار بين المعارف المختلفة ، واستثمار الإشكالات المطروقة في تجديد الدراسة الأدبية.
ترأس الجلسة الثانية الأستاذ عبد الفتاح شاذلي وتميزت وقائعها بثلاث مداخلات . أول مداخلة قدمها الأستاذ ميلود عثماني في موضوع : جمالية الالتباس في كتاب الحقيقة الملتبسة ، وتميزت كذلك بدقتها وكثافتها حيث تركز اهتمام العثماني فيها استقصاء الخلفية التي يقوم عليها تصور الداهي لموضوعه ، وطرائق تصنيفه للسيرة الذاتية وأبرز كذلك المفاهيم النظرية التي شغلها الناقد في كتابه . واستند الناقد العثماني إلى الرجة العنيفة التي أحدثتها الكتابة عن الذات في علاقة الأنا مع العالم ، وهو ما جعله يقرر بأن كتاب "الحقيقة الملتبسة" يظل منفتحا وغير مكتمل بالمعنى الإيجابي ، حيث الأدب الذاتي لا يكف عن اجتراح أساليب جديدة لكتابة الحياة واستعادة وقائعها. ومن بين العناصر التي استخلصها العثماني من كتاب المشار إليه نذكر أساسا ما يلي: البحث عن صنافة تستوعب مختلف أشكال الكتابة عن الذات، وإنصاف السيرة الذاتية التي كان ينظر إليها باستخفاف بدعوى خلوها من " الأدبية" ومطابقتها " للواقع"، وتوسيع مفردات الكتابة عن الذات، وإعادة تصنيف بعض "السيرالذاتية" ضمن الخانة الأجناسية التي تناسبها ( على نحو إعادة تجنيس " دليل العنفوان" لعبد القادر الشاوي و " مثل صيف لن يتكرر" لمحمد برادة ضمن التخييل الذاتي بالاعتماد على معايير فانسون كلونا). بعد ذلك تدخل الناقد أحمد فرشوخ حيث قدم بدوره قراءة هامة بعنوان : عين النقد في كتاب الحقيقة الملتبسة ، وقد استفاد الباحث من التحليل الثقافي من أجل الوقوف على الكفاءة النقدية للداهي وإجلاء عناصر قوتها . وفي هذا السياق أضاء الباحث أحمد فرشوخ ثلاث لحظات قرائية أساسية في هذا الكتاب هي : عين النقد وتتمثل في قدرة الداهي على اختراق الأنساق اللامرئية والكشف عن المخفي، ثم تهجين النظرية وبمقتضاها يدخل محمد الداهي في حوار مع النظرية الغربية للإفادة منها ونقدها عند الاقتضاء ( على نحو تغيب المتون السرذاتية العربية التراثية من اهتمامها لدواع وبواعث إيديولوجية : المركزية الغربية) ، ثم توظيف مفهوم اللعب لبيان كيف يلتبس الواقع والخيال في المشروعات الذاتية . أما المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة فقدمها إدريس الخضراوي بعنوان : حدود القراءة النقدية وضوابطها عند الناقد محمد الداهي ، حيث أبرز فيها أهمية التجربة النقدية للداهي ومستوى تنوع أدواتها وتراسلها مع ما يتحقق من إنجازات في مجال النقد الأدبي . وتسلط اهتمام الباحث في هذه القراءة على مبررات القراءة النقدية ، والمواثيق السيرذاتية التي عني بها الباحث ، ووقف أخيرا عند النتائج التي تؤكد الداهي ناقدا يرهف الإنصات للنصوص والخطابات . كان الأستاذ الدكتور محمد الداهي آخر متدخل في هذه الندوة حيث قدم ورقة مكثفة موسومة ب" قبس العلم". أشاد فيها بالخطوة التي أقدمت عليها حلقة الفكر المغربي مبرزا ، بتواضع، أن منجزه لم يف بأهم ما يطمح له ، وأشار إلى أن ثمة أهدافا نبيلة يتطلع إليها خاصة فيما يتصل ببلورة مشروع علمي ملائم. وبين أن تجربته مكونة من ثلاث جزر، وإن تباعدت فيما بينها فهي تتقاسم أحيانا سمات مشتركة:فعلاوة على انغماره في العملية البيداغوجية ممارسة وبحثا وتأليفا، فقد كرس جزءا من انشغالاته للأدب الشخصي والسيميائيات. وما يسترعي الانتباه، في ترحاله من جزيرة إلى أخرى، أنه كلف ومولع بالبدايات.
مازال، في المجال البيداغوجي، يبحث عن قراءة منهجية فعالة لا تكمن المتعلم من الأدوات المناسبة فقط، وإنما تحفزه أيضا على تذوق النصوص أيا كان نوعها، والتفاعل معها ومحاورتها بأسئلة منسجمة مع مداركه وتوقعاته وتجربته في الحياة. ( وبالمناسبة فلمحمد الداهي مؤلفات بيداغوجية نذكر منها: القراءة المنهجية للنص الحكائي، ودينامية الإقراء، وتدريس النص المسرحي ( عمل جماعي)، ومقاربات منهجية للنص الروائي والمسرحي ( عمل جماعي). وهو عضو في الفرق البيداغوجية ولجان التقويم التي تعنى بتدريس اللغة العربية في المدرسة المغربية).
فيما يخص الكتابة عن الذات، لاحظ أن اهتمام الباحثين بها غالبا ما يُختزل في السيرة الذاتية، وهذا ما فوت عليهم حصر مجال الأدب الشخصي الرحب، وتعداد أشكاله وأصنافه المتنوعة، وتبني مقاربات ملائمة لتبين خصوصياته ومميزاته. ومن ثمة، حاول محمد الداهي، جهد الاستطاعة، أن يوسع دائرة الكتابة عن الذات، ويخوض في سماتها الخطابيه وأبعادها الوجودية، ويفتح نوافذ لاستقصاء " الحقيقة الداخلية" في مختلف تجلياتها والتباساتها وتقلباتها وانكساراتها.
لا يكتمل معنى الوجود البشري سيميائيا إلا بالنظر في مسالكه المتنوعة والمتكاملة. فعلاوة على أن الإنسان يعمل ويحس فهو يتكلم. وإذا كانت اللسانيات والسيميائيات ونظريات التواصل قد خاضت في الكلام بوصفه فعلا تواصليا ، فإنهم لم يعيروا أهمية لأبعاده التمويهية والتضليلية التي تسعى إلى إخضاع البشر وتطويعهم وحملهم على تصديق حقائق مجانبة للصواب عوض حفزهم على التوافق فيما بينهم، وتبني مشروعات مشتركة. وقد تزايد الاهتمام بالتقنيات التطويعية (Techniques manipulatoires) إثر انتشار وسائل التطويع المهني(manipulation professionnelle) والعلائقي(m. relationnelle) والذهني(m. mentale)، التي تبث حقائق مموهة ومزيفة وتتلاعب بالإنسان كيفما شاءت خدمة لأغراضها الفتاكة ( شراء البضائع، وغسل الأدمغة، وتمويه الأخبار وصناعتها، والدعاية الحزبية...).


 


 



     

Powered by: Arab Portal v2.2, Copyright© 2009