بعد اللقاءات الاحتفائية والتقديمية التي خصصت لرواية "عزوزة" للكاتبة المغربية الزهرة رميج منذ صدورها، افتتحت خزانة المعاريف الجهوية بالدار البيضاء موسمها الثقافي الجديد بتنظيم لقاء نقدي لهذه الرواية شارك فيه كل من النقاد: نجيب العوفي ويحيى بن الوليد ومحمد أقضاض والمصطفى مويقن، وسيرته العالية ماء العينين محافظة الخزانة
ورواية "عزوزة" هي الرواية الثانية للكاتبة المغربية الزهرة رميج بعد روايتها الأولى "أخاديد الأسوار" التي تحدثت فيها عن تجربة الاعتقال السياسي وسلطت الضوء على فترة سوداء من تاريخ المغرب، وإصدارها لمجموعة من الأعمال القصصية التي أبانت فيها عن قدرة كبيرة في التقاط التفاصيل، وإثارة المسكوت عنه، إذ برعت في تقديم القصة/اللمعة أو القصة القصيرة جدا التي لا تتجاوز الفقرة الواحدة.
عزوزة رواية ممتعة بشهادة كل من قرأها تغوص في ذاكرة المجتمع المغربي، وترصد الإشكالات التي تتحكم في بنية الأسرة المغربية من خلال علاقة بطلي الرواية: أحمد وعزوزة، رواية تعيد الاعتبار للبادية المغربية ولتراثنا الشعبي.
الناقد نجيب العوفي قدم مداخلة بعنوان: "عزوزة: حفر روائي في ذاكرة مغربية موشومة". وقد أشار إلى أن "عزوزة" ذكرته ب"الذاكرة الموشومة" للكاتب عبد الكبير الخطيبي لكونها تحتفي بالذاكرة المغربية في أدق تفاصيلها. واعتبر أنها رواية الشخصية والحدث الميلودرامي، إذ تتمحور حول شخصية عزوزة وتتبع مسارها لتسلط الضوء على العوامل المؤدية إلى مصيرها المأساوي. وهو ما يؤهل هذه الرواية في نظره، لتكون فيلما مغربيا ناجحا.
وأضاف العوفي أن الرواية تتميز بدرجة عالية من الجرأة قد تصل حد الوقاحة، مؤكدا أنها وقاحة فنية إيجابية مطلوبة، لأن دور الرواية هو كشف خبابا المجتمع والمسكوت عنه. وفي النهاية، اعتبر أن رواية "عزوزة" رواية نسائية بامتياز لكون عناصرها الفاعلة كلها نساء. فبطلتها عزوزة، وساردتها حليمة، وكاتبتها الزهرة رميج.
ومن جهته، تناول محمد أقضاض رواية "عزوزة" من خلال "الذاكرة والتخييل والحلم" باعتبار هذه العناصر المكونات الأساسية المنتجة للنص الأدبي. وأن الذاكرة على وجه الخصوص، هي أم الإبداع. واعتبر الذاكرة في رواية "عزوزة" تركز على الفترة الأخيرة من استعمار فرنسا للمغرب وتطل عبر المقاومة الشرسة للاستعمار وردود فعله القاسية ومن خلال الثقافة الشفوية، إذ تكثر الأمثال المرتبطة بسياقاتها القروية.
وأشار أقضاض إلى أن التخييل في الرواية يتجلى عبر دقة الوصف، ومن خلال التفاصيل الجزئية، وعبر صور متخيلة توهم بواقعية الرواية. أما الحلم فيوظف في الرواية باعتباره تعويضا وملجأ لبعض الشخصيات التي تجد نفسها عاجزة.
الناقد يحي بن الوليد تناول رواية "عزوزة" من زاوية "خطاب ما بعد الاستعمار"، ورأى أنها تمثل المغرب بأكمله في مرحلة مفصلية من تاريخه. وأنها أحدثت ثقبا صغيرا في جدار المجتمع التقليدي، وواجهت نسقا ثقافيا ذكوريا متوحشا. كما اعتبر رواية "عزوزة" إضافة نوعية في مسار الرواية المغربية، تكمن أهميتها في كونها رواية إتنوغرافية بامتياز، مما يشرعها على النقد الثقافي.
آخر مداخلة كانت للباحث المصطفى مويقن الذي تحدث عن "رواية عزوزة بين إعادة الاعتبار لقيمة الجمال والاحتفاء بالمحكي"، ورأى أنها رواية طافحة بلوحات وأشكال وصور تنقل المجتمع المغربي في أدق خصوصياته من عادات وتقاليد، وتعبر عن الثقافي في صورته العامة وتوثق للحظات ثقافية آيلة إلى الزوال والأفول. كما أنها تتعامل مع قيمة الجمال كتيمة / موضوعة أو كخلفية ثقافية.
(عن جريدة الصحراء المغربية بتاريخ 13 دجنبر 2011)