الكاتب: mdahi
|
حرر في الأحد 09-11-2014 02:48 أ£أ“أ‡أپ
أدى الملحقان الثقافيان لجريدتي المحرر والعلم دورا كبيرا في مواكبة الحراك الثقافي المغربي، وإثارة نقاشات حول جدوى الأدب في الحياة، واكتشاف مواهب جديدة ودعمها معنويا لرد العجُز على الصدر، وضمان الفاعلية الثقافية واستمراريتها على النحو المنشود. وقد ساهمت الظرفية السياسية في حفز الكتاب على التخندق في هذا الاتجاه أو ذاك. وبمجرد أن ينشر كاتب في أحد الملحقين يصبح في عداد المثقفين التقدميين أو المحافظين. ومن إيجابيات هذه المرحلة أن الملحقين، رغم التصنيفات السياسية المتعسفة وإيلاء الأهمية للكاتب على حساب نصه، استطاعا أن يثيرا نقاشات حادة بحثا عن السبل المفضية إلى تعزيز الثقافة باعتبارها آلية من آليات الصراع الاجتماعي لتحقيق " الطمأنينة المفتقدة" ، ومدخلا من مداخل التنمية المستدامة. كما احتضن كل ملحق ، وفق طبيعة الظرفية، نقاشا بين كاتبين حول مدى سداد أفكارهما وملاءمتها ( على نحو النقاش الذي دار بين المفكرين عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري على صفحات الملحق الثقاقي لجريدة المحرر، والخصومة الأدبية التي دارت رحاها بين حسن الطريبق وأحمد المجاطي باسم مستعار(كبور المطاعي) على صفحات الملحقين المتنافسين) أو اختلاف وجهة نظريهما حول قضية معينة أو حول سداد ترجمة ما أو معاكستها للمعاني الأصلية. وتباعا ظهرت ملاحق ثقافية تضاهي الملحقين العتيدين إلى أن أضحت الآن ظاهرة تشمل معظم الصحف السيارة. وما يلفت النظر- عموما- بعد خفوت جذوة الحماس الإيديولوجي اهتمامُ المثقفين بقضايا أدبية عامة ذات صبغة آنية وملحة، وميلهم إلى الإطراء والمجاملة وتفاديهم ما أمكن التصادم و المجابهة إلا في حالات نادرة بسبب بواعث شخصية بينما كانت تؤججها سابقا عوامل سياسية أو إيديولوجية أو علمية. كان الكتاب يشتكون من عدم نشر أعمالهم أو التباطؤ في نشرها لبواعث كثيرة. انحسرت الشكوى نسبيا جراء تعدد الملاحق الثقافية ووفرة الفضاءات الافتراضية ، مما أدى إلى ظهور أسماء جديدة مؤهلة تقينا للاستفادة من التطور التكنولوجي ومواكبته(حسن استعمال الحاسوب أو الهاتف الذكي في الكتابة والمتابعة والمراسلة)،وإعادة الاعتبار للأسماء المغضوب عليها لحزازات شخصية أو اعتبارات إيديولوجية، واستيعاب العدد المتزايد من الكتاب، وتلبية طلباتهم ورغباتهم شريطة الالتزام بمعايير النشر وفي مقدمتها مراعاة الحجم (عدم تجاوز عدد معين من الكلمات). ورغم الإيجابيات التي تتسم بها معظم الملاحق الثقافية فهي مازالت تعاني من بعض الثغرات التي يمكن أن نذكر بعضا منها تطلعا إلى تحسين أدائها، وتعزيز دورها الثقافي والمعرفي على الوجه المطلوب. 1- حرصت بعض الصحف على اعتبار الملحق جسما منفصلا عن صفحاتها الأخرى. يمكن أن نحتفظ به بعض التخلص مما سواه. وهذه عادة تربي عليها جيل من المثقفين المغاربة حرصا على العودة إلى عدد معين كلما دعت الضرورة إلى ذلك.إن تكريس الملحق ( وهو يعني لغويا ما يلحق بالكتاب إضافة أو زيادة بعد الفراغ منه) باعتباره كتلة مستقلة عن سواها يعزز الانطباع بمدى العناية بإخراجه، والحرص على تمييز محتوياته ( صفحات تستوعب معلومات إضافية خاصة)، والسعي إلى أداء دوره الثقافي على الوجه المطلوب أيا كانت الإكراهات والقيود. وما يؤسف له أن معظم الملاحق أضحت مدمجة في الصفحات الأخرى للجريدة. وهو ما يجعلها، علاوة على اهتمامها أكثر بالمقالة، أقرب إلى صفحات ثقافية, 2- مازالت عينة من الملاحق الثقافية محافظة على الأركان المعتادة ( قصة قصيرة، شعر، مقالة فلسفية أو أدبية، خاطرة..) حرصا على تلبية أذواق القراء المختلفة، وسعيا إلى ترويج مختلف الأجناس عوض تضييق الخناق عليها مادام هناك مثقفون يداومون الكتابة احتكاما أو استئناسا بقواعدها وقراء يتشوقون لقراءتها. في حين نلاحظ ، في الآونة الأخيرة، نزوعا أكثر نحو تكريس المقال القصير على حساب الأركان الأخرى توجسا من تراجع مبيعات الصحيفة وتطير القراء من قراءتها بدعوى تضمنها لأجناس أو أنماط كتابية لا تحظى باهتمامهم ولا تستجيب لرغباتهم. 3- قلما يخصص الملحق نقاشا حول ظاهرة أدبية أو ثقافية. إن دور الملحق يكمن أساسا في خلق نقاش عمومي حول قرار سياسي له تبعات سلبية أو إيجابية على الثقافة، وترصد ظاهرة ثقافية تستأثر باهتمام الرأي العام ( موت كاتب، حصول كتاب على جائزة، موقف الكتاب من حدث ثقافي أو اجتماعي أو سياسي)، ومتابعة الإصدارات الجديدة والتعريف بها لحفز القراء على اقتنائها. وهو ما يستدعي من إدارة الصحيفة أن تكون فريقا للملحق عوض الاعتماد على شخص واحد ، وتعزيز دوره بالإمكانات والمعدات المناسبة وبلفيف من المراسلين تطلعا إلى تسليط مزيد من الأضواء على ظواهر ثقافية ذات ملونة بالأصباغ المحلية والجهوية. 4- أصبحت مواد الملاحق تكتب بحروف صغيرة وبإخراج متواضع مما يعسر قراءتها. وأحيانا تقع أخطاء من قبيل إدراج صورة كاتب محل صورة الكاتب الحقيقي. وغالبا ما تحمل الصور من الأنترنيت عوض الاستعانة بأرشيف الصحيفة كما كان معتادا من قبل. والفرق واضح بين صور تخلو أحيانا من الحرفية وتتواتر بكثرة في كل الصحف مما يفقدها أصالتها وبين صور التقطها فريق من المهنيين وتكون في ملكية الجريدة. وما يهمنا من إثارة الجانب الطباعي حفزُ المشرفين على الملاحق للاهتمام بإخراجها في حلة بهية تمتع العين قبل الشغف بقراءة محتوياتها. بالجملة، ينبغي لهم أن يستفيدوا من التجارب الناجحة عربيا وغربيا لتعزيز مواطن قوتهم ، والإسهام في تنشيط الحياة الثقافية، ومواكبة الأنشطة الثقافية في مختلف فصول السنة، وتعبئة استبيانات وروائز لقياس درجة المقروئية، ومعرفة ميول القراء وحوافزهم وأذواقهم. * نشر هذا المقال ضمن الملحق الذي أعده صلاح بوسريف لجريدة المساء، يوم الأربعاء 29-10-2010 ص 21 وذلك حول موضوع الملاحق الثقافية بالمغرب |
|
Powered by: Arab Portal v2.2, Copyright© 2009 |