حرر في الثلاثاء 08-06-2010 08:50 أ£أ“أ‡أپ
ومن بين الأنشطة التي عرفتها الكلية اضطلاع الأستاذ محمد الداهي، بتنسيق مع عميد الكلية الأستاذ سعيد بناني ورئيس شعبة اللغة العربية وآدابها الأستاذ فيصل الشرايبي بدعوة كتاب مغاربة إلى الفصول الدراسية ليتعرف إليهم الطلبة عن كثب، ولتكون مناسبة لتعميق النقاش حول بعض القضايا التي تمت بصلة إلى طبيعة المجزوءة المدروسة خلال الفصلين الثاني والرابع. وبين الأستاذ محمد الداهي أن هذه الحصص وإن كانت موسومة بالحرة فهي جزء لا يتجزء من مفردات المجزوءة ومحتوياتها وأهدافها ومُدْخلاتها ومُخْرجاتها، وهي تهدف أساسا إلى تحطيم الجدار الرابع ( على حد بريخت) ليصبح الأستاذ جزءا من المجموعة يضطلع بدور التنشيط وتوزيع الأدواء والإشراف والتأطير، وإلى المراهنة على المتعلم ،بوصفه محور العملية البيداغوجية، لتطوير قدراته ومؤهلاته التواصلية والثقافية والمنهجية. فلا يمكن للمتعلم أن يحسن أداءه إذا لم ينخرط في سيرورة الإصلاح البيداغوجي ويطور قدراته ليصبح عنصرا فاعلا ومنتجا داخل محيطه الاجتماعي. لقد كانت تجربة جديدة بالنسبة لطلاب شعبة اللغة العربية خلال الموسم الجامعي 2008 .كما شكلت لهم عرسا ثقافيا أسعفهم على التفاعل مع الكتاب المغاربة والأساتذة الباحثين، تبديد غيمة الرتابة التي كثيرا ما تجثم على المحاضرات ذات الصبغة النظرية ، وإعمال أساليب بيداغوجية قوامها التفاعل والحوار والانفتاح والمشاركة والإنتاج. كانت الزهرة رميج أول المدعوين للمساهمة في هذه التجربة البيداغوجية. أصغت بتأن وتؤدة إلى العرض الذي أنجزته الطالبة مستحية القاسمي عن روايتها الأولى تحت عنوان " التخييلي والواقعي في أخدايد الأسوار". وكان ذلك بتاريخ التاسع عشر من دجنبر من السنة الفارضة 2007، ومر ذلك اللقاء في جو من الألفة بين الكاتبة والطلاب الذين ناقشوا عملها بوصفها روائية وقاصة تجنح إلى المزج بين التخييل والواقع، وباعتبارها أنثى ترى الواقع من زاوية خاصة. وفي معرض ردها على أسئلة الطلبة أبرزت أنها لا تفرق بين الكتابتين النسائية و الذكورية، وتعتبر أن كل طرف يعيد تشخيص الواقع وتأمله لاستجلاء ما يستضمره من تناقضات ومفارقات.أمأملهأأ والطريف في الأمر أن الزهرة رميج لم ترد أن يكون لقاءها بالطلبة لقاء رسميا، وإنما توخته عفويا وتلقائيا حتى يسعف الطلبة على تكسير الحواجز ويمكنهم من تحقيق الأهداف الوجدانية التي بدونها لا يمكن أن يكون الحوار فعالا وصريحا بين المبدع وقراءه المفترضين. وافتتحت السنة الجديدة 2008بحضور شخصية نسائية أخرى لها باع في هذا المجال وهي ليلى أبو زيد لتسليط الضوء على السيرة الذاتية كجنس أدبي من خلال مؤلفها "رجوع إلى الطفولة" . وبعد أن قدمت الطالبات حليمة أبورك وخديجة أشبيرة وزينب أشروقي وإيمان أنور السادات عروضا حول مكونات الخطاب السردي في " رجوع إلى الطفولة" بينت الكاتبة ليلى أبو زيد أن النص كتب أصلا باللغة الإنجليزية استجابة لطلب إليزابيت فرنيا لنشره ضمن أنطولوجية عن أدب الطفولة في الشرق الأوسط. ولما رجعت إليه ووجدته مفيدا قامت بترجمته إلى اللغة العربية وتشعيب محتوياته ومحكياته. وما ظل جوهريا في النصين هو أن الكاتبة كانت تتوجه إلى قارئ أجنبي وهذا ما جعلها تنفلت من أسار الرقابة الذاتية وتسترجع ماضيها بكتابة صريحة وحادة. في يوم الأربعاء 16 ماي كان للطلبة لقاء مع الناقدة رشيدة بنمسعود. فهي-رغم كثرة التزاماتها- لبت الدعوة الموجهة إليها لمشاركتهم في النقاش المتمحور حول كتابها الأخير الموسوم ب"جمالية السرد النسائي" . وكالعادة استهلت الحصة بعرضين مقتضبين قدمهما كل من الأستاذ محمد الداهي والأستاذ فيصل الشرايبي رئيس الشعبة. بين الأستاذ محمد الداهي مشروع الناقدة رشيدة بنمسعود الذي يرمي إلى إعادة الاعتبار إلى الكتابة النسائية وترسيخها وبيان خصوصياتها. وأبرز الأستاذ فيصل الشرايبي ما قامت به المبدعة العربية قديما وحديثا من جهود لفرض ذاتها إلى جانب الرجل، فلا كتابة نسائية بلا رجل ولا كتابة ذكورية بدون المرأة. وأشارت الناقدة رشيدة بنمسعود في كلمتها الناقدة إلى الدواعي التي أدت بها إلى كتابة هذا المؤلف النقدي والذي ربطته بكتابها السابق" المرأة والكتابة" وذلك لتسليط الضوء على المُنْتَج النسوي الذي ، وإن كان متسما بالنضج ، يهمش لأسباب مختلفة. وعزت ذلك إلى المهيمنة الثقافية التي أفرزت هندسة اجتماعية محكومة بالفوقية الذكورية التي ساهمت في إنتاج ثقافي يحفز على الدونية النسائية. واستشهدت بشواهد كثيرة من التاريخ البشري تبين الوضعية الزرية للمرأة الكاتبة. وهذا ما كان يشجع بعضهن على الكتابة باسم مستعار وخاصة باسم رجل على نحو جورج ساند ودانييل ستيرن. وأكدت أن التاريخ يشهد على دور المرأة في إبراز مواهبها الإبداعية. في حين أن المصادر العربية لم تذكر إلا النزر القليل منهن على نحو الخنساء و ولادة وعلية بنت الرشيد.وبينت الناقدة أن نشأة المصطلح النسوي عرف مجموعة من ردود الأفعال تتراوح بين القبول والرد، و وأشر على كون الحساسية النسائية ليست موقوفة على النساء فقط وإنما هي سمة إنسانية تتقاسمه مع الرجل على نحو متفاوت ومختلف أحيانا. وختمت تدخلها بدعوة الرجل والمرأة إلى الانخراط في مشروع مشترك مشيد على الآليات النقدية عينها، والابتعاد عن طرح السؤال التقليدي هل توجد كتابة نسائية ؟ لبى الناقد إدريس الناقوري دعوة الحضور يوم الخميس 22 ماي على الساعة الثالثة زوالا، وقبل أن تقدم الطالبات سناء عراد وفاطمة الزهراء منجب وسعيدة الزهراوي وزينب زهاري عرضهن الموسوم ب" دراسة للنقد الاجتماعي في المصطلح المشترك" بين الأستاذ محمد الداهي ملاءمة الكتاب الذي سيظل من بين الكتب القيمة التي رسمت معالم النقد في المغرب ( على نحو أحاديث عن الأدب المغربي الحديث لعبد الله كنون، وحديث مصباح لعبد الكريم بن ثابت وتحليل الخطاب استراتجية التناص لمحمد مفتاح وتحليل الخطاب الروائي لسعيد يقطين والخطاب الروائي لميخائيل باختين ( ترجمة محمد برادة) ونظرية المنهج الشكلي نصوص الشكلانيين الروس لتزفتان تودورف (ترجمة إبراهيم الخطيب). كما بين أهمية الكتاب في إحداث قطيعة مع المناهج الانطباعية والبلاغية، وفي فتح مسالك المثاقفة والتأثر بروافد النقد الغربي ( وخاصة البنيوية التكوينية)، وفي حضور سلطة الناقد لتفكيك النص وتأويله رغم حساسية المرحلة التاريخية التي اتسمت عموما بتأزم العلاقة بين السلطة الحاكمة والمعارضة. وفي معرض رد الناقوري على أسئلة الطلبة وملاحظاتهم شبه الكتاب بالابن العاق. فرغم عقوقه فهو يظل محبوبا ومفضلا لديه. وبين أنه كتبه تحت تأثير الصراع الذي كان سائدا بين الاتجاه التقدمي والاتجاه المحافظ. وهذا ما كان يحتم على الناقد أن يتخندق في اتجاه محدد ويسخر عدته النقدية لإبراز قناعاته السياسية والإيديولوجية. وأكد الناقد أن المصطلح المشترك يطرح تفاعل المتلقي مع النص أي أنه ينبغي لطرفي التواصل ( الكاتب والمتلقي) أن يتوفرا على لغة مشتركة تؤهل الأول إلى إيصال أفكاره بدون اللجوء إلى الغموض والإبهام وتسعف الثاني على فهم النص والتجاوب معه دون عناء يذكر. ورغم مضي سنوات على صدور الكتاب ( سنة 1977) مازال إدريس الناقوري- رغم شجاعته في تقديم نقد ذاتي- يعتز بالتحليل الذي أنجزه عن شعر أحمد المعداوي-المجاطي مستلهما مفهوما مركزيا البنيوية التكوينية ، وهو مفهوم الرؤية المأساوية للعالم. وفي اليوم الموالي أي الجمعة بتاريخ 23 ماي على الساعة التاسعة والنصف صباحا عقد لقاء ثقافي جمع الناقد حسن المودن والروائي أحمد لكبيري. وما حفز الأستاذ محمد الداهي على دعوتهما هو بيان كيف يتفاعل الروائي مع النقد المنجز عن أعماله، وإبراز مدى ملاءمة النقد النفسي في سبر أغوار النفس البشرية. قدم الطالبان سعيدة العبيد وعبد العزيز أيت سيدي علي عرضهما " تأملات في المنهاجية النفسية" مبينين كيف استطاع حسن المودن في كتابه " الرواية العربية قراءت من منظور التحليل النفسي" أن يتحرر من المنهجية الصارمة والمزاوجة بين مجالات نقدية متعددة. فهو قصد استنتاج الأبعاد النفسية المهيمنة في المتن الروائي مستعينا بالسرديات والتحليل الموضوعاتي. وفي هذا الصدد اختار متنا موسوما بالانكسارات النفسية التي يؤطرة وضع سياسي مأزوم. وكانت رواية" مصابيح مطفأة" لأحمد لكبيري نموذجا من ضمن النماذج التي حللها تحليلا نفسيا أماط فيها اللثام عن قيمة السفر المهيمنة على الرواية والمحددة لمصير الشخصية الرئيسة ( المحجوب) المتأرجحة بين السفر والعودة والتجربة الفاشلة التي عرفها من جراء الاغتراب والابتعاد عن حضن الوطن والأم . وهو ما أدى به إلى حدوث شرخ في الصوت المتميز بالرقة والخشونة والصدمة في وسط اجتماعي فقير. لما أفسح المجال للناقد حسن المؤذن أشار في تدخله إلى أن وظيفة اللغة النفسية تكمن في قراءة الإنسان و استجلاء قدره الكوني ، وانطلق من فرضيتين . تؤكد أولاها تطبيق التحليل النفسي على الأدب والاهتمام بالمبدعين أكثر من الكتب واتخاذ النص مطية من أجل معالجة العقد الطفولية أو الاهتمام بالنصوص الأدبية ( سيجموند فرويد) والانتقال من لا وعي الكاتب إلى لا وعي النص، ومثل هذا الاتجاه جون بيلمانويل وجاك لكان. والفرضية الثانية هي التي دافع عنها بييربيار وترمي إلى تطبيق الأدب على التحليل النفسي. أعقب هذا تدخل الروائي أحمد لكبيري الذي تحدث عن تجربته الروائية" مصابيح مطفأة" مبديا ارتياحه مما قاله الناقد محمد برادة حول ضرورة إقامة المصالحة بين الإبداع والنقد. واعترف أنه لا يستجدي النقاد للكتابة عنه بل هم أحرار في معالجة أعماله إن وجدوا فيها ما يرضيهم. وبين أن الكتابة هي التي وطدت علاقته بحسن المودن. فهو كتب عن روايته دون سابق معرفة به. وللنقاد كامل الصلاحية في مقاربة نصوصه شريطة أن تسهم في بيان ما لم يستطع فهمه في ذاته وفي تفاعله مع الكون. ختاما ما يبين أن الحصص حققت أهدافها الوجدانية هو تضافر أطراف متعددة لإنجاح هذه التجربة البيداغوجية المراهنة أساسا على دور الطالب في إبراز قدراته وكفاءاته. وفر الأستاذ سعيد بناني عميد الكلية، على جري عادته، الوسائل اللوجستيكية (قاعة الاجتماعات المجهزة) والأجواء المناسبة لإنجاح هذه التجربة البيداغوجية. وتحمل الأستاذ الداهي مشاق الاتصال بالأساتذة وتصحيح عروض الطلبة وإبداء الملاحظات عليها. كما تتبع الأستاذ فيصل الشرايبي رئيس الشعبة عن كثب العروض كلها رغم كثرة انشغالاته العلمية ومهماته البيداغوجية. ومن الأمور البديعة التي صاحبت هذه التجربة هو قيام الطلبة بإهداء باقات من الورود إلى الضيوف، واضطلاع هؤلاء بدورهم بالتبرع بكتبهم على الطلبة تشجيعا لهم على القراء أولا وأخيرا.
|